يتميز عصرنا الحالي بكثرة المشكلات النفسية والضغوطات العصبية، وقد تولَّد عن ذلك إصابة العديد من الناس بالأمراض النفسية، ومن أشهرها مرض الاكتئاب، الذي انتشر كثيرًا في الآونة الأخيرة.
في هذا المقال، سنتحدث عن هذا الداء الفتاك، أسبابه وأعراضه وكيفية علاجه.
ما هو الاكتئاب؟
تعريف الاكتئاب: هو شعور مستمر ومزمن بالحزن والفراغ والنفسي، وعدم القدرة على الاستمتاع بالحياة والتعايش معها، بدون سبب واضح.
بالطبع، يختلف ذلك عن مشاعر الحزن والإحباط العادية التي يمر بها الجميع من فترة إلى أخرى، بعد الأحداث الصعبة التي قد يواجهونها في الحياة. لكن المكتئب يشعر بهذه المشاعر على الدوام وقد يستمر الأمر معه أسابيعًا وشهورًا وليس بضعة أيام عابرة.
وتتمثل خطورة مرض الاكتئاب في أنه يُقَوِّض علاقات المرء الاجتماعية والشخصية، ويعيقه عن ممارسة حياته الطبيعية، وعن تحقيق الانجازات في عمله وحياته، وقد يقود المكتئب -في الحالات الشديدة- إلى الانتحار.
لذلك، كان من الضروري الانتباه جيدًا إلى أعراضه على النفس أو المحيطين بنا، حتى يتم التدخل في الوقت المناسب لعلاجه، وتقليل آثاره السلبية على الفرد والمجتمع.
والآن، سنتحدث عن أعراض الاكتئاب بالتفصيل، حتى يتسنى لك ملاحظتها والتعرف عليها بسهولة، إذا كان أحد المحيطين بك مصابًا بها.
أعراض الاكتئاب
في الحقيقة، علامات الاكتئاب وأعراضه معقدة للغاية، وقد تختلف من شخص إلي آخر، لكن المشترك بينها أنها تستمر لفترات طويلة، وتؤثر بصورة ملحوظة في العمل والحياة الاجتماعية والأسرية للشخص.
تنقسم الأعراض إلى أعراض نفسية وأخرى جسدية.
بالطبع، ليس ضروريًا أن تظهر هذه الأعراض مجتمعة على الشخص المصاب بالاكتئاب، ولكنه قد يشعر ببعض منها فقط.
 |
| الحزن والانعزال عن الآخرين من أعراض الاكتئاب |
أعراض الاكتئاب النفسية:
الحزن المستمر وتعكر المزاج.
الشعور بالعجز واليأس.
النظرة السلبية للنفس، وضعف تقدير الذات.
الرغبة في البكاء.
الشعور بالذنب.
العصبية وعدم تحمل الآخرين.
فقدان الرغبة في ممارسة الأنشطة اليومية الطبيعية.
الشعور بالقلق والتوتر.
عدم القدرة على التفكير السليم واتخاذ القرارات.
الشعور بالرغبة في الانتحار أو إيذاء النفس.
أعراض الاكتئاب الجسدية:
التحدث والتحرك بطريقة أبطأ من المعتاد.
التغير في الشهية، ومن ثَمَّ التغير في الوزن (عادة ما تنخفض الشهية وينخفض الوزن، لكن العكس قد يحدث أيضًا)
الشعور بآلام وأوجاع جسدية دون سبب واضح.
ضعف الطاقة.
فقدان الرغبة الجنسية.
تغيرات ولخبطة في الدورة الشهرية عند النساء.
اضطرابات في النوم.
الإصابة بالإمساك.
أعراض الاكتئاب الاجتماعية:
تجنب الاتصال بالأصدقاء، أو المشاركة في المناسبات الاجتماعية.
إهمال الهوايات والاهتمامات السابقة.
صعوبات في التعامل مع الأهل والأصدقاء وزملاء العمل.
غالبًا ما تبدأ هذه الأعراض تدريجيًا، وقد يحاول الشخص في البداية التعايش والتعامل معها. لذا، قد يصعب على المحيطين بالمكتئب اكتشاف إصابته في بادئ الأمر.
أنواع الاكتئاب
هناك أنواع مختلفة من الاكتئاب، مثل:
اكتئاب ما بعد الولادة: وهو نوع من الاكتئاب يصيب الأمهات (وأحيانًا الآباء) بعد ولادة أطفالهن مباشرة، وقد يُشكل خطرًا على حياة الأم وطفلها، ويُعالج غالبًا بالطرق التقليدية لعلاج الاكتئاب.
الاكتئاب ثنائي القطب: ويسمى أيضًا بالهوس الاكتئابي، وفيه ينتاب المريض نوبات من الهوس أو المزاج العالي ونوبات أخرى من الاكتئاب، وتتشابه نوبات الاكتئاب مع أعراض الاكتئاب العادية.
الاكتئاب الموسمي: ويُعرف أيضًا باكتئاب الشتاء، وهو مرتبط بأوقات موسمية محددة، وغالبًا تظهر أعراضه في فصل الشتاء.
أسباب الاكتئاب
معظم الأمراض النفسية غير معلوم أسباب ظهورها ونشأتها، والاكتئاب ليس استثناءً من هذه الظاهرة. على الرغم من ذلك، يحاول العلماء دائمًا فهم العوامل والأسباب التي قد تؤدي إلى ظهور الأعراض.
وفي حالة الاكتئاب، هناك بعض العوامل المختلفة التي قد تحفز ظهور أعراض الاكتئاب، مثل:
عوامل وراثية.
تغيرات في كيمياء المخ (أي معدلات الناقلات العصبية في الدماغ).
عوامل بيئية، مثل التعرض لصدمة أو فقدان الدعم الاجتماعي.
عوامل نفسية واجتماعية.
قد يتضافر أكثر من عامل من العوامل السابقة مع بعضهم بعضًا، فيحفز ذلك ظهور أعراض الاكتئاب.
على سبيل المثال: شخص لديه قابلية وراثية (مثل تاريخ مرضي عائلي) للاكتئاب، إذا تعرض لصدمة عصبية نتيجة لحادث أو اعتداء أو الانفصال عن شريك الحياة أو غير ذلك، فإن ذلك قد يحفز إصابته بالاكتئاب.
أسباب الاكتئاب عند البنات
طبقًا لإحصائيات المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإن الإناث أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب عن الرجال.
لا يعلم العلماء السبب تحديدًا وراء ذلك، لكن بعض الدراسات اقترحت أنه ربما يكون النساء أكثر إبلاغًا لإصابتهن بالاكتئاب، وأكثر طلبًا للعلاج عن الرجال.
يرجع ذلك إلى الطبيعة الشخصية لكل من النساء والرجال، فالنساء يحبون مشاركة أفكارهن ومشاعرهن وإخراج ما في صدورهن من الهموم، على عكس الرجال الذين يميلون غالبًا إلى التكتم واعتبار مثل هذه المشاعر عارًا عليهم، ولا يجب التحدث عنها.
من الممكن أن يكون السبب أيضًا أن النساء قد يتعرضن في بعض المجتمعات للتمييز الجنسي ضدهن، فيزيد ذلك من مخاطر إصابتهن بالاكتئاب.
هناك أيضًا بعض أنواع الاكتئاب المرتبطة بالنساء دون الرجال، مثل اكتئاب ما بعد الولادة، واكتئاب متلازمة ما قبل الحيض.
علاج الاكتئاب
الاكتئاب من الأمراض التي يمكن علاجها بطرق مختلفة، لكن الأمر يعتمد على شدة الحالة والسبب الذي أدى إلى ظهور الأعراض.
بعض الأشخاص قد تعاودهم نوبات الاكتئاب مرة أخرى بعد فترة من التحسن.
غالبًا ما تعتمد استراتيجية العلاج على الآتي:
تقديم الدعم: عن طريق تثقيف أفراد الأسرة والمحيطين بالمريض، لكي يستطيعوا تفهم ظروفه والتعامل معها.
جلسات المعالجة النفسية: وتُسمى أيضًا "العلاج بالكلام"، وتعتمد على نوع من العلاج النفسي اسمه "العلاج المعرفي السلوكي"، وفيه يعبر المريض عن مشاعره وهمومه، ويتعلم بعض الاستراتيجيات للتعامل مع آلامه وأحزانه ويأسه.
العلاج الدوائي: وتعتمد على مضادات الاكتئاب.
العلاج الدوائي:
مضادات الاكتئاب تستخدم في علاج الحالات المتوسطة والشديدة من الاكتئاب، وتتوفر في عدة أنواع:
مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs).
مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورابنفرين الانتقائية (SNRIs).
مضادات الاكتئاب غير النمطية.
مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة.
مثبطات مونو أمين أوكسيديز (MAOIs).
ملحوظة: هذه الأدوية لا تؤخذ إلا تحت إشراف الطبيب وحسب تعليماته، فلا تأخذها من تلقاء نفسك أو تنصح به غيرك.
كيف تتخلص من الاكتئاب؟
والآن، حان وقت التحدث عن بعض الاستراتيجيات التي من الممكن أن تساعد على تخفيف حدة أعراض الاكتئاب أو التخلص منها في حال كانت درجة الاكتئاب خفيفة إلى متوسطة، أما في حالة الاكتئاب الشديد فيجب أن تكون هذه الاستراتيجيات بجانب العلاج النفسي والدوائي.
من ضمن هذه الاستراتيجيات:
علاج الاكتئاب بالأعشاب
يستخدم بعض الأشخاص الأعشاب لتخفيف حدة أعراض الاكتئاب، لكن نظرًا لأن هذه المنتجات لا تُراقب من قبل وزارة الصحة أو هيئة الغذاء والدواء، فإن بعضها قد لا يكون آمنًا أو فعالًا.
من ضمن الأعشاب الأكثر شيوعًا التي يستخدمها الناس في علاج الاكتئاب:
نبتة سانت جون: هذه النبتة غير مناسبة للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب ثنائي القطب.
الجنسنج: تستخدم لتقليل التوتر وتحسين الوظائف الذهنية والعقلية.
الكاموميل (البابونج): تحتوي على مركبات الفلافونويد، التي يمكن أن يكون لها خصائص مضادة للاكتئاب.
اللافندر: يساعد على تقليل أعراض القلق والأرق.
من المهم جدًا التحدث مع الطبيب قبل استخدام أي أعشاب أو مكملات غذائية، لأن بعضها قد يتداخل مع العلاج الدوائي فيؤثر سلبًا في فاعليته أو يزيد الأعراض سوءًا.
النظام الغذائي ونمط الحياة
العقل السليم في الجسم السليم، لذلك فإن الاهتمام بالنظام الغذائي للفرد، وتناول الغذاء الصحي المتوازن، وممارسة الرياضة، كلها أشياء تساعد على تحسين المزاج والمحافظة على الصحة النفسية.
اقرأ هنا عن النسكافيه | هل هو مفيد لصحتك أم مضر.
وجدت بعض الدراسات أيضًا أن تناول الأطعمة الآتية قد يخفف من أعراض الاكتئاب:
الفاكهة والخضروات.
الأسماك.
زيت الزيتون.
اقرأ هنا عن فوائد أوميجا 3 ومحاذير استخدامها
شارك همومك مع الآخرين حتى تحمي نفسك من الاكتئاب
أخيرًا عزيزي القارئ، تعلَّم مشاركة مشاعرك والتحدث عن همومك مع الآخرين، فذلك سيساعدك على إيجاد الدعم المناسب، والتخلص أولًا بأول من المشاعر السلبية التي تجثم على صدرك، وقد يحميك من الإصابة بالكثير من الأمراض النفسية.
نتمنى لكم جميعًا دوام الصحة والعافية!
المصادر:
What is depression and what can I do about it
تعليقات
إرسال تعليق